الخارجية الأمريكية تدعو إلي فتح حوار سياسي مع الجماعة المحظورة
القاهرة ـ أحمد موسي:
قالت مصادر دبلوماسية إن وزارة الخارجية الأمريكية اعتمدت مذكرة تدعو إلي فتح حوار سياسي ومباشر مع جماعة الإخوان المحظورة, وأكدت الخارجية الأمريكية أن هذه المرحلة تتطلب الاقتراب أكثر من الإخوان, الذين ـ حسب زعمهم ـ يحظون بشعبية واسعة في مصر, وأن جلسات الحوار مع القيادات الإخوانية يجب أن تكون منتظمة ودائمة,
وطالبت بعدم سماع التحذيرات التي تصدر عن الحكومة المصرية حول هذه العلاقات, وساقت واشنطن المبررات بأنها لن تكرر أخطاءها في إيران, مما يدفعها للتحاور والاستماع والتوجيه لجماعة يمكن أن تشكل حكومة في المستقبل, وقد رفضت السلطات المصرية اللقاءات الأمريكية مع الجماعة المحظورة.
-----------------
أسرار الحوار بين الولايات المتحدة والإخوان
من المفاجآت المثيرة التي نكشف عنها بالتفاصيل, الدور الخطير الذي لعبته جماعة الإخوان في مناطق الصراعات سواء في أفغانستان أو العراق ودعم الوجود الأمريكي في تلك الأماكن والتعاون مع الحكم العسكري الأمريكي للعراق الشقيق عقب الغزو, ولعب الإخوان لمصلحة مستقبلهم السياسي وأداروا اللقاءات مع مختلف الإدارات الأمريكية, وقبل ثلاث سنوات رفضت مصر صيغة اللقاءات الأمريكية مع رموز المحظورة, لكن واشنطن اعتبرت أنها لن تكرر أخطاءها في إيران مما يدفعها للتحاور والاستماع وإرسال التوجيهات إلي جماعة يمكن أن تشكل حكومة في المستقبل, وهذا الرد الأمريكي قابلته متابعة أمنية دقيقة استهدفت قيادات ورموز الإخوان, ولم تنجح الضغوط والتصريحات الأمريكية حاليا ومستقبلا في تقويض حركة جهاز الأمن, والذي أظهر أن هناك من يلعب في الداخل لخدمة مصالح الدولة الكبري, واستمرت الضربات للجماعة ولن تتوقف, ولايمكن السماح للولايات المتحدة بأن تتدخل فيما يتعلق بأمن ومصلحة وطن يعرف من يلعبون في السر والعلن.
في عام1982 أصبح عاكف مستشارا للندوة العالمية للشباب الإسلامي ومسئولا عن المخيمات الدولية, وتعرف في ذلك الوقت علي الشيخ عبد الله عزام( فلسطيني الأصل) الذي ارتبط بجماعة الإخوان وتوثقت صلته بعائلة سيد قطب وتأثر بفكره وحصل علي الماجستير في الشريعة ثم الدكتوراه في الفقه من جامعة الأزهر, ومن خلال عاكف تعرف علي الزعماء المجاهدين عبد الرسول سياف, وقلب الدين حكمتيار, ورباني وشارك بعد ذلك في صحيفة المجاهد واستقر به المقام مع أسرته وأولاده في بيشاور ليكون قريبا من مسرح العمليات في أفغانستان, وتولي مسئولية توفير الدعم المالي الوارد من جماعة الإخوان لمصلحة المجاهدين العرب واستثمارها في إقامة المشروعات التجارية لتوفير مستلزمات الجهاد تحت مظلة الإغاثة الإسلامية, وازداد التعاون بين الشيخ عبد الله عزام وأمراء الحرب, ودخل مناطق الحدود الجبلية من خلال شركات مقاولات بن لادن لإقامة المعسكرات والإنشاءات اللازمة وكان عزام أول من استقبل المهندس الشاب أسامة بن لادن الذي وفد علي باكستان للمشاركة في الجهاد الأفغاني الذي انجذب لأفكار عزام الإخوانية وتأثر من قوته لتكوين قوة منظمة لتغيير أوضاع الأمة.
حصل عزام علي موافقة الإخوان لقيامه وأسامة بن لادن بإبرام صفقة الأسلحة مع مسئولي جهاز المخابرات الأمريكي عام1986, وبعد أسبوعين تسلم أخطر وأهم الأسلحة الثقيلة وخرج من بين ثنايا اللعبة الأمريكية وحش التطرف, وفجأة تم اغتيال الشيخ عبد الله عزام وأبنائه في نوفمبر عام1989 علي أثر تفجير سيارة كانت تقله.. ودبت الخلافات بين المجاهدين نتيجة تصارعهم علي حصيلة أموال المساعدات التي قدمتها لهم المخابرات الأمريكية وجهات عربية أخري.
نجح الإخوان من خلال الشيخ عزام برغم أن رحلته في أفغانستان لم تزد علي ست سنوات في مد فصائل المجاهدين بأفكار ومؤلفات سيد قطب, والتي كان يعتنقها, والتي شكلت فيما بعد المنظومة الفكرية لمختلف التنظيمات الإرهابية علي الساحة العربية, ومن عباءته وأفكاره وكتبه تولدت حركة طالبان وعلي نهجه أسس أسامة بن لادن تنظيم القاعدة بمعاونة أيمن الظواهري والذي كان متشبعا بالأفكار المشبوهة والهدامة لسيد قطب.. وتمرد بن لادن علي تبعيته للإدارة الأمريكية ودخل الأمريكان في مواجهات مع الإرهاب في عدة دول.
حرب الخليج
عقب نجاح المخطط الأمريكي بفضل الإخوان في إضفاء الصبغة الدينية علي منطقة الصراع في أفغانستان لاصطياد الدب الروسي والقضاء عليه بسكاكين الإسلام, عاودت المخابرات الأمريكية الاستعانة بالإخوان في تهيئة الأجواء بمنطقة الخليج من خلال إظهار دعمهم للرئيس المعدم صدام حسين ومباركتهم قيامه بغزو الكويت حيث أوفدت مجموعة من قياداتها من بينهم الأعضاء البارزون بنقابة المحامين بمصر لمقابلة صدام حسين وأقنعوه بوضع لفظ الجلالة( الله أكبر) علي العلم العراقي وأهمية إضفاء الصبغة الدينية علي خطابه السياسي وإطلاق مسمي الحرب المقدسة علي غزوه الغادر للكويت التي استقبلت أعدادا كبيرة من الإخوان الهاربين والمفرج عنهم من سجون ناصر واستقروا فيها وأكلوا من خيرها والتي أصبحت فيما بعد بمثابة بيت المال للتنظيم الدولي للإخوان, فكان رد الجميل هو مساندتهم ومباركتهم ودعمهم لصدام في نهب ثرواتها,
كما أوفوا بعهودهم مع السعودية بمساندة إيران في حربها ضد العراق والتي كانت تساندها في ذلك الوقت السعودية.. إنها الميكافيلية في أبهي صورها وصدق الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي حينما صرح عقب أحداث11 سبتمبر بأن أساس البلاء في المملكة هم الإخوان المسلمون.
ووفقا للسيناريو المتفق عليه احتلت القوات العراقية الكويت لإيجاد مبرر لأمريكا للتدخل بدعوي مساندة الكويت وطرد المحتل العراقي وترتب عليها لجوء إخوان الكويت لتجميد عضويتهم في التنظيم الدولي للإخوان وقيام الدكتور إسماعيل الشطي( المتحدث الرسمي بإسم إخوان الكويت) بإجراء محاكمة صورية لمرشده الأعلي في ذلك الوقت محمد حامد أبو النصر ردا علي تأييد التنظيم لغزو صدام للكويت, وحرصا من الإدارة الأمريكية علي استمرار استغلال الجماعة وتحريكها بما يخدم مخططاتها في المنطقة أوفدت السفارة الأمريكية أعضاء السلك الدبلوماسي لمتابعة محاكمات الإخوان عام95 وأرسلت هيلاري كلينتون برقيات تأييد للإخوان مسجلة اعتراضها علي محاكمتهم عسكريا وهو ما نشرته في صحيفة تابعة للإخوان في ذلك الوقت.
أحداث11 سبتمبر
عقب أحداث11 سبتمبر الدامية أعدت المجموعة التي ترسم سياسة الجماعة دراسة أكدت ضرورة توطيد اتصالاتها بالإدارة الأمريكية خشية قيامها بإدراجها ضمن المنظمات الإرهابية.
وبعد حصول الجماعة علي عدد17 مقعدا في انتخابات مجلس الشعب عام2000 وهدوء موجه الغليان التي أعقبت أحداث11 سبتمبر لجأت الإدارة الأمريكية إلي تحسين صورتها داخل العالم العربي والإسلامي, ومن هنا جاءت اللقاءات التي جمعت بين ثلاثة من رموز الإخوان من أبرزهم عصام العريان ودبلوماسيين أوروبيين في النادي السويسري كان الوسيط فيها سعد الدين إبراهيم( مدير مركز ابن خلدون ـ والعارف لايعرف) ورفضت الجماعة الافصاح عن أسبابها ـ إن بعض الظن إثم.. يمكن كانت محاولة من الإخوان لهداية الأمريكان إلي الإيمان.
كانت هذه اللقاءات بداية لتنفيذ سيناريو وضعته الجماعة من أجل توثيق صلاتها بالإدارة الأمريكية والانفتاح علي دول الاتحاد الأوروبي وإقناعها بمدي ثقلها وسيطرتها علي الحركات الإسلامية في دول المنطقة علي غرار ماحدث بين الأحزاب الإسلامية بتركيا وباكستان والذين سبق لعاكف خلال عام1986 ضمها للتنظيم الدولي الإخواني وشكل منها مثلثا إخوانيا يتخذ مواقف محددة إزاء القضايا والأحداث, هذا بالإضافة للحصول علي الدعم السياسي الأمريكي في حالة الوصول للحكم والضغط علي الحكومة في مصر للاعتراف بشرعية الكيان الإخواني.
لقاء بوش
لم تكتف الجماعة بمثل تلك اللقاءات لتوطيد صلتها بالأمريكان بل استعانت بجناح التنظيم الدولي بأمريكا ومن أبرزهم الدكتور حسان حتحوت( رئيس أكبر المنظمات الإسلامية بأمريكا) وهو أول من استقبل الرئيس بوش بالمركز الإسلامي التابع لهم عقب أحداث11 سبتمبر مباشرة.. ووجهت الجماعة من خلاله رسالة إلي الإدارة الأمريكية بأن الجماعة تبدي تفهمها لما يحدث في العراق وأن معارضتها للعمليات العسكرية الأمريكية بالعراق سوف تكون محدودة ذرا للرماد في عيون الآخرين.
وإظهارا لحسن النوايا مع أمريكا قام عاكف بإقناع جناح التنظيم في العراق بالتعاون مع الحاكم الأمريكي السابق بول بريمر من خلال المشاركة في الحكومة الانتقالية التي شكلها عقب سقوط النظام العراقي مباشرة وهو ماتسبب في إيجاد أزمة داخل التنظيم الإخواني بالعراق وتدخل عاكف بوصفه المرشد العام للتنظيم الدولي للإخوان لاحتواء تلك الأزمة وأصدر قرارا عنتريا كعادته بأن( مشاركة الإخوان في الحكومة الانتقالية يمثل شأنا داخليا للجماعة في العراق) الأمر الذي ترتب عليه إستقالة عدد من إخوان العراق المعارضين لتلك المشاركة وتشكيلهم جيش الخلاص الإسلامي بينما قام بعضهم بتكوين جبهة علماء المسلمين برئاسة حارث الضاري الذي التقي بعاكف مرتين بالقاهرة وطالبه بضرورة التدخل لإنهاء علاقة الحزب الإسلامي بحكومة بريمر الذي سعي من جانبه لإقناع الإدارة الأمريكية بمنح أعضاء الحزب المشاركين في الحكومة رواتب تصل إلي40 ألف دولار وخصص لهم سيارات فارهة لكل منهم وقوات لتأمينهم الشخصي.
كما رفض إخوان الأردن توجهات المرشد ونشر السيد ياسر الزعاترة( عضو مجلس شوري الجماعة بالأردن) مقالا بعنوان الإخوان المسلمين بالعراق مع بريمر ضد المقاومة في الفلوجة قال فيه شكلت مشاركة الحزب الإسلامي في مجلس الحكم صدمة نفسية لجميع المنتمين إلي المدرسة الإخوانية الأمر الذي دفع جميع القادة في الحركة بمختلف أقطارها إلي التنصل مما جري ومعارضته من حيث المبدأ ويؤكد أن قرار الإخوان المسلمين بالانضمام إلي مجلس الحكم الانتقالي لم يلتزم بالشوري بدليل أن الغالبية الساحقة من كوادر الحزب تعارضه معارضة واضحة ويوجه أصابع الاتهام لأحد كبار حركة الإخوان بالعراق( حاجم الحسني) بأن له علاقة مميزة مع بريمر, وطالب الزعاترة جماعة الإخوان بمصر علي وجه التحديد أن يكون لها موقفها الحاسم من هذه القضية ويختتم مقاله قائلا( إن أحدا لن يجر أحدا إلي الجنة بالسلاسل) في إشارة إلي الثمن الذي يدفعه التنظيم الإخواني بالعراق نتيجة تقارب إخوان مصر مع أمريكا, وفي ذات الوقت تعاني الحركة الإخوانية بالأردن من خلافات داخلية حادة لذات الأسباب نظرا للتقارب الملحوظ لقيادتها مع السفارة الأمريكية بعمان.
وقد استمرت الاتصالات الإخوانية الأمريكية بشهادة السفير الأمريكي الذي إنتهي عمله أخيرا بمصر واتخذ عدة صور:
ـ توجه الدكتور محمد مرسي العياط( عضو مكتب الارشاد) للسفارة عقب أحداث11 سبتمبر عام2001 لابلاغ السفير برفض الجماعة للعمليات الإرهابية وأن علاقتهم بأسامة بن لادن أنتهت منذ حرب أفغانستان.
ـ اتفاق صحفي إخواني معروف مع الأمريكية ديان كيلي( سكرتيرة القسم السياسي بالسفارة الأمريكية والمسئولة عن ملف جماعة الإخوان بمصر) عام2002 علي توجيه الدعوة لقيادات الجماعة لاستعراض توجهاتهم أمام الكونجرس الأمريكي.
ـ مشاركة نواب الإخوان في الأحتفال الضخم الذي أقامه نائب السفير الأمريكي بمنزله في2003/3/29 بمناسبة زيارة مدير إدارة إفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأمريكية.
ـ دعوة الجامعة الأمريكية بالقاهرة للرموز الإخوانية من أبرزهم عصام العريان, وجمال حشمت لإلقاء المحاضرات والمشاركة في مؤتمرها السنوي والندوات التي تنظمها.
ـ مشاركة كل من عبد المنعم أبو الفتوح, عصام العريان في غالبية المؤتمرات التي عقدتها المؤسسات الأمريكية ببعض الدول العربية خلال عام2004( الكويت ـ اليمن ـ لبنان ـ الأردن ـ البحرين) والذين انتقدوا خلالها النظام المصري.
إرسال السيناتور هيلاري كلينتون( زوجة الرئيس الأمريكي السابق) خطابا للحكومة المصرية تستفسر عن ملابسات وفاة أحد العناصر الإخوانية بالسجون المصرية وهو مايؤكد إمكانية وصول الإخوان للبيت الأبيض وهو ماكشف عنه أيضا يوسف ندا خلال الحلقات التي أذاعتها قناة الجزيرة حيث صرح قائلا( أنه قابل الرئيس بوش الأب وكلينتون خلال التسعينيات وعرض توسط الإخوان للأمريكان في بعض القضايا المثارة في دول العالم الإسلامي) الأمر الذي أوجد وقتها صدمة للقاعدة الإخوانية خاصة عقب تصديق مأمون الهضيبي المرشد في ذلك الوقت علي تصريح يوسف ندا لتعارضه مع أدبيات الجماعة.
عندما أعلنت السلطات المصرية عن رفضها لصيغة اللقاءات الأمريكية مع ممثلي ورموز جماعة الإخوان المحظورة والذي أصبح دوريا ومنتظما جاءت تأكيدات واشنطن أنها لاتستطيع تكرار أخطائها في إيران ولهذا يجب عليها أن تتحاور وتستمع وترسل توجيهاتها وتصوراتها للجماعة التي يمكن أن تشكل حكومة في المستقبل وأصبحت هذه اللقاءات أكثر جدية وأدق تنظيما وقابلتها متابعة مصرية أمنية دقيقة وضربات للجماعة ولرموزها وسلسلة من الاعتقالات والمحاكمات لهم.
كما بادرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية بالدفاع عن الجماعة حيث أعتبرت مجلة
FOREIGAFFAIRS
أن جماعة الإخوان بوليصة تأمين ضد التطرف والإرهاب وأن التحاور معها يحقق المصالح الأمريكية لتلاقي مصالح الطرفين في مجالات متعددة ومطالبة المسئولين عن صنع القرار الأمريكي بإقامة الحوار مع الجماعة من خلال ممثليها المقيمين في الغرب, والتأكيد علي إعتدال الجماعة( من وجهة نظرهم) تجاه القضية الفلسطينية بدعوي أن الجماعة تري أن الصراع مع إسرائيل ليس دينيا بل هو نزاع علي الأراضي المحتلة وأن الإخوان علي استعداد للاعتراف بدولة إسرائيل بمجرد قيام منظمة حماس بذلك.
كما نشرت مجلة
HARBERS
مقالا بعنوان( أحزاب الله الديمقراطية الإسلامية ومذهب بوش) أكد المقال أن الرفض الأمريكي المطلق للجماعات الإسلامية لايخدمهم علي المدي البعيد وأوضح بأن علي الرغم من أيدلوجيتها السياسية فد لاتروق للأذن الغربية فإن ذلك لايمنع من أن المستقبل الديمقراطي في الشرق الأوسط سيعتمد بصورة كبيرة علي تفهم هذه الأيديلوجيات والأفكار والتعامل معهما, وعلي الرغم من اعتراف كاتب المقال بعدم صدق التصريحات العلنية للجماعة باحتضانها الديمقراطية, وأنها قد تعمل علي فرض أعمال الشريعة علي المجتمع المصري في حالة وصولها للحكم ـ فإن ذلك لاينفي أن الجماعة بدأت في تغيير منهجها المتشدد نتيجة مشاركتها في الحياة السياسية, والغريب في الأمر أن وسائل الإعلام الأمريكية التي تدافع عن الجماعة الأم هي نفسها التي تهاجم جناحها العسكري في غزة والمتمثل في حماس وتصفه بالإرهاب, وهو علي القوائم الأمريكية وجميع قيادات حماس, ممنوعون من دخول الولايات المتحدة.
ويبدو هذا التناقض, لأن الأمر يتعلق بدعم أمريكي لقوي معارضة ومحظورة في مصر وتوفير الغطاء لها, لكن مصر لديها متابعات لتلك التطورات, وتدفع الدولة الثمن لعدم تجاوبها مع المطالب الأمريكية خاصة إرسال قوات مصرية إلي العراق, مما جعل الرئيس الأمريكي يتعرض للانتقادات نتيجة لآلاف القتلي والمصابين من القوات الأمريكية, فالدولة لن تضحي بقواتنا لخدمة المصالح الأمريكية, لأن مهمة القوات المسلحة الدفاع عن تراب الوطن.
فتح الحوار
وقد كشفت مصادر دبلوماسية غربية بالقاهرة عن أن وزارة الخارجية الأمريكية اعتمدت مذكرة تدعو إلي فتح حوار سياسي ومباشر مع جماعة الإخوان المحظورة, كما أن المذكرة أكدت أن هذه المرحلة تتطلب الاقتراب أكثر من جماعة الإخوان الذين يحظون بشعبية واسعة بمصر, وأن جلسات الحوار مع قيادات الإخوان يجب أن تكون منتظمة ودائمة ولاتسمع كثيرا لتحذيرات الحكومة المصرية بعدم التعاون مع هذا التيار, ورأت أن علاقتها بالإخوان خلال السنوات الماضية كان لها بعض النتائج الايجابية, ويتسق هذا تماما مع تصريح لكوندوليزا رايس التي قالت فيه إنه يجب ألا يكون الخوف من وصول التيارات الإسلامية إلي السلطة عائقا أمام الإصلاحات العربية, وأيضا يتفق مع ماجاء بتقرير مادلين أولبرايت بعد زيارتها للقاهرة عام2005 والذي جاء فيه( أنه إذا كان التخوف الأمريكي قد بني علي إجراء الانتخابات الحرة سيؤدي حتما إلي وصول الأصوليين تقصد الإخوان إلي مقاعد السلطة بسبب هوان الأحزاب الشرعية,
فإن التجارب السابقة تشير إلي أنهم جماعات براجماتية يمكن التعامل معها بشكل ممتاز, وقد ساهمت تلك التصريحات في إعطاء الإخوان الجرأة السياسية حتي وصل الأمر بمرشدها عاكف أن يعلن في2005/3/2 أن الإخوان ليس لديهم المانع من أن يكون الرئيس مبارك رئيسا لمصر لفترة خامسة, وأن يكون ذلك بناء علي اتفاق بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين.
وقد أعدت الجماعة دراسة حول استراتيجية تعاملها مع الولايات المتحدة الأمريكية تحمل عنوان( رؤية الإخوان للسياسة الأمريكية وكيفية التعامل معها) انتهت إلي وجود استمرارية الإعلان عن معارضة الجماعة لسياسة الإدارة الأمريكية مع استمرار السعي لفتح قنوات اتصال معها.. كما عقد التنظيم الدولي للإخوان إجتماعا في العاصمة التركية اسطنبول شارك فيه ممثلو الأجنحة الإخوانية بكل من( مصر ـ فلسطين ـ الأردن ـ الجزائر) تمت خلاله مناقشة الانفتاح علي الإدارة الأمريكية إنطلاقا من العلاقة القديمة والمستمرة بينهم.
كما استغلت الجماعة سماح السلطات للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح للسفر خارج البلاد بالنظر لموقعه كأمين اتحاد الأطباء العرب للمشاركة في حضور المؤتمرات التي يشارك فيها مسئولون أمريكيون ومن بينها مؤتمر عقد بدولة تركيا خلال نهاية شهر أبريل عام2005 تحت عنوان( الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني) والتي شارك فيها ريتشارد ميرفي( المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأوسط) وجورج تينت( الرئيس السابق للمخابرات الأمريكية) كما التقي أيضا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وعاكف بالأمريكي جون شانك وهو شخصية بارزة بالكونجرس الأمريكي خلال شهر سبتمبر عام2004 والذي أبلغهما استعداد السفير الأمريكي بالبلاد لاستقبال قيادات الجماعة والاستماع لوجهة نظرهم واقتراحه بتشكيل وفد إخواني لزيارة أمريكا والالتقاء بالمسئولين بوزارة الخارجية,
كما عقد ممثلو الحكومة الأمريكية عدة لقاءات مع العديد من الرموز الإخوانية ونوابها بمجلس الشعب من بينها التقاء عضو مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني( مسئول الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان) بزعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس النواب الأمريكي ستاني هويد بمنزل السفير الأمريكي بالقاهرة في2007/4/4 خلال حفل الاستقبال الذي أقامه السفير الأمريكي بالبلاد بمناسبة زيارة وفد الكونجرس للقاهرة, وسبق وأن التقي عضو مجلس الشعب سعد الكتاتني بالمستشار السياسي بالسفارة الأمريكية بالقاهرة للحصول علي تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر مارس2007, حيث أبلغه الدبلوماسي بأنه تم إختياره كمندوب اتصال بين جماعة الإخوان والإدارة الأمريكية.
وفي النهاية يتضح أن تلك الجماعة قدمت نفسها منذ بدايتها في أسوأ صور الانتهازية كرافعين لراية الديمقراطية والإصلاح ولديهم برنامج هولامي بدون أيدلوجية يتسع لألف وجه ووجه أملا في أن تكون البديل الإسلامي المعتدل الذي يقنع الغرب بأحقيتها في الوثوب علي السلطة
نقلا عن جريدة الأهرام
القاهرة ـ أحمد موسي:
قالت مصادر دبلوماسية إن وزارة الخارجية الأمريكية اعتمدت مذكرة تدعو إلي فتح حوار سياسي ومباشر مع جماعة الإخوان المحظورة, وأكدت الخارجية الأمريكية أن هذه المرحلة تتطلب الاقتراب أكثر من الإخوان, الذين ـ حسب زعمهم ـ يحظون بشعبية واسعة في مصر, وأن جلسات الحوار مع القيادات الإخوانية يجب أن تكون منتظمة ودائمة,
وطالبت بعدم سماع التحذيرات التي تصدر عن الحكومة المصرية حول هذه العلاقات, وساقت واشنطن المبررات بأنها لن تكرر أخطاءها في إيران, مما يدفعها للتحاور والاستماع والتوجيه لجماعة يمكن أن تشكل حكومة في المستقبل, وقد رفضت السلطات المصرية اللقاءات الأمريكية مع الجماعة المحظورة.
-----------------
أسرار الحوار بين الولايات المتحدة والإخوان
من المفاجآت المثيرة التي نكشف عنها بالتفاصيل, الدور الخطير الذي لعبته جماعة الإخوان في مناطق الصراعات سواء في أفغانستان أو العراق ودعم الوجود الأمريكي في تلك الأماكن والتعاون مع الحكم العسكري الأمريكي للعراق الشقيق عقب الغزو, ولعب الإخوان لمصلحة مستقبلهم السياسي وأداروا اللقاءات مع مختلف الإدارات الأمريكية, وقبل ثلاث سنوات رفضت مصر صيغة اللقاءات الأمريكية مع رموز المحظورة, لكن واشنطن اعتبرت أنها لن تكرر أخطاءها في إيران مما يدفعها للتحاور والاستماع وإرسال التوجيهات إلي جماعة يمكن أن تشكل حكومة في المستقبل, وهذا الرد الأمريكي قابلته متابعة أمنية دقيقة استهدفت قيادات ورموز الإخوان, ولم تنجح الضغوط والتصريحات الأمريكية حاليا ومستقبلا في تقويض حركة جهاز الأمن, والذي أظهر أن هناك من يلعب في الداخل لخدمة مصالح الدولة الكبري, واستمرت الضربات للجماعة ولن تتوقف, ولايمكن السماح للولايات المتحدة بأن تتدخل فيما يتعلق بأمن ومصلحة وطن يعرف من يلعبون في السر والعلن.
في عام1982 أصبح عاكف مستشارا للندوة العالمية للشباب الإسلامي ومسئولا عن المخيمات الدولية, وتعرف في ذلك الوقت علي الشيخ عبد الله عزام( فلسطيني الأصل) الذي ارتبط بجماعة الإخوان وتوثقت صلته بعائلة سيد قطب وتأثر بفكره وحصل علي الماجستير في الشريعة ثم الدكتوراه في الفقه من جامعة الأزهر, ومن خلال عاكف تعرف علي الزعماء المجاهدين عبد الرسول سياف, وقلب الدين حكمتيار, ورباني وشارك بعد ذلك في صحيفة المجاهد واستقر به المقام مع أسرته وأولاده في بيشاور ليكون قريبا من مسرح العمليات في أفغانستان, وتولي مسئولية توفير الدعم المالي الوارد من جماعة الإخوان لمصلحة المجاهدين العرب واستثمارها في إقامة المشروعات التجارية لتوفير مستلزمات الجهاد تحت مظلة الإغاثة الإسلامية, وازداد التعاون بين الشيخ عبد الله عزام وأمراء الحرب, ودخل مناطق الحدود الجبلية من خلال شركات مقاولات بن لادن لإقامة المعسكرات والإنشاءات اللازمة وكان عزام أول من استقبل المهندس الشاب أسامة بن لادن الذي وفد علي باكستان للمشاركة في الجهاد الأفغاني الذي انجذب لأفكار عزام الإخوانية وتأثر من قوته لتكوين قوة منظمة لتغيير أوضاع الأمة.
حصل عزام علي موافقة الإخوان لقيامه وأسامة بن لادن بإبرام صفقة الأسلحة مع مسئولي جهاز المخابرات الأمريكي عام1986, وبعد أسبوعين تسلم أخطر وأهم الأسلحة الثقيلة وخرج من بين ثنايا اللعبة الأمريكية وحش التطرف, وفجأة تم اغتيال الشيخ عبد الله عزام وأبنائه في نوفمبر عام1989 علي أثر تفجير سيارة كانت تقله.. ودبت الخلافات بين المجاهدين نتيجة تصارعهم علي حصيلة أموال المساعدات التي قدمتها لهم المخابرات الأمريكية وجهات عربية أخري.
نجح الإخوان من خلال الشيخ عزام برغم أن رحلته في أفغانستان لم تزد علي ست سنوات في مد فصائل المجاهدين بأفكار ومؤلفات سيد قطب, والتي كان يعتنقها, والتي شكلت فيما بعد المنظومة الفكرية لمختلف التنظيمات الإرهابية علي الساحة العربية, ومن عباءته وأفكاره وكتبه تولدت حركة طالبان وعلي نهجه أسس أسامة بن لادن تنظيم القاعدة بمعاونة أيمن الظواهري والذي كان متشبعا بالأفكار المشبوهة والهدامة لسيد قطب.. وتمرد بن لادن علي تبعيته للإدارة الأمريكية ودخل الأمريكان في مواجهات مع الإرهاب في عدة دول.
حرب الخليج
عقب نجاح المخطط الأمريكي بفضل الإخوان في إضفاء الصبغة الدينية علي منطقة الصراع في أفغانستان لاصطياد الدب الروسي والقضاء عليه بسكاكين الإسلام, عاودت المخابرات الأمريكية الاستعانة بالإخوان في تهيئة الأجواء بمنطقة الخليج من خلال إظهار دعمهم للرئيس المعدم صدام حسين ومباركتهم قيامه بغزو الكويت حيث أوفدت مجموعة من قياداتها من بينهم الأعضاء البارزون بنقابة المحامين بمصر لمقابلة صدام حسين وأقنعوه بوضع لفظ الجلالة( الله أكبر) علي العلم العراقي وأهمية إضفاء الصبغة الدينية علي خطابه السياسي وإطلاق مسمي الحرب المقدسة علي غزوه الغادر للكويت التي استقبلت أعدادا كبيرة من الإخوان الهاربين والمفرج عنهم من سجون ناصر واستقروا فيها وأكلوا من خيرها والتي أصبحت فيما بعد بمثابة بيت المال للتنظيم الدولي للإخوان, فكان رد الجميل هو مساندتهم ومباركتهم ودعمهم لصدام في نهب ثرواتها,
كما أوفوا بعهودهم مع السعودية بمساندة إيران في حربها ضد العراق والتي كانت تساندها في ذلك الوقت السعودية.. إنها الميكافيلية في أبهي صورها وصدق الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي حينما صرح عقب أحداث11 سبتمبر بأن أساس البلاء في المملكة هم الإخوان المسلمون.
ووفقا للسيناريو المتفق عليه احتلت القوات العراقية الكويت لإيجاد مبرر لأمريكا للتدخل بدعوي مساندة الكويت وطرد المحتل العراقي وترتب عليها لجوء إخوان الكويت لتجميد عضويتهم في التنظيم الدولي للإخوان وقيام الدكتور إسماعيل الشطي( المتحدث الرسمي بإسم إخوان الكويت) بإجراء محاكمة صورية لمرشده الأعلي في ذلك الوقت محمد حامد أبو النصر ردا علي تأييد التنظيم لغزو صدام للكويت, وحرصا من الإدارة الأمريكية علي استمرار استغلال الجماعة وتحريكها بما يخدم مخططاتها في المنطقة أوفدت السفارة الأمريكية أعضاء السلك الدبلوماسي لمتابعة محاكمات الإخوان عام95 وأرسلت هيلاري كلينتون برقيات تأييد للإخوان مسجلة اعتراضها علي محاكمتهم عسكريا وهو ما نشرته في صحيفة تابعة للإخوان في ذلك الوقت.
أحداث11 سبتمبر
عقب أحداث11 سبتمبر الدامية أعدت المجموعة التي ترسم سياسة الجماعة دراسة أكدت ضرورة توطيد اتصالاتها بالإدارة الأمريكية خشية قيامها بإدراجها ضمن المنظمات الإرهابية.
وبعد حصول الجماعة علي عدد17 مقعدا في انتخابات مجلس الشعب عام2000 وهدوء موجه الغليان التي أعقبت أحداث11 سبتمبر لجأت الإدارة الأمريكية إلي تحسين صورتها داخل العالم العربي والإسلامي, ومن هنا جاءت اللقاءات التي جمعت بين ثلاثة من رموز الإخوان من أبرزهم عصام العريان ودبلوماسيين أوروبيين في النادي السويسري كان الوسيط فيها سعد الدين إبراهيم( مدير مركز ابن خلدون ـ والعارف لايعرف) ورفضت الجماعة الافصاح عن أسبابها ـ إن بعض الظن إثم.. يمكن كانت محاولة من الإخوان لهداية الأمريكان إلي الإيمان.
كانت هذه اللقاءات بداية لتنفيذ سيناريو وضعته الجماعة من أجل توثيق صلاتها بالإدارة الأمريكية والانفتاح علي دول الاتحاد الأوروبي وإقناعها بمدي ثقلها وسيطرتها علي الحركات الإسلامية في دول المنطقة علي غرار ماحدث بين الأحزاب الإسلامية بتركيا وباكستان والذين سبق لعاكف خلال عام1986 ضمها للتنظيم الدولي الإخواني وشكل منها مثلثا إخوانيا يتخذ مواقف محددة إزاء القضايا والأحداث, هذا بالإضافة للحصول علي الدعم السياسي الأمريكي في حالة الوصول للحكم والضغط علي الحكومة في مصر للاعتراف بشرعية الكيان الإخواني.
لقاء بوش
لم تكتف الجماعة بمثل تلك اللقاءات لتوطيد صلتها بالأمريكان بل استعانت بجناح التنظيم الدولي بأمريكا ومن أبرزهم الدكتور حسان حتحوت( رئيس أكبر المنظمات الإسلامية بأمريكا) وهو أول من استقبل الرئيس بوش بالمركز الإسلامي التابع لهم عقب أحداث11 سبتمبر مباشرة.. ووجهت الجماعة من خلاله رسالة إلي الإدارة الأمريكية بأن الجماعة تبدي تفهمها لما يحدث في العراق وأن معارضتها للعمليات العسكرية الأمريكية بالعراق سوف تكون محدودة ذرا للرماد في عيون الآخرين.
وإظهارا لحسن النوايا مع أمريكا قام عاكف بإقناع جناح التنظيم في العراق بالتعاون مع الحاكم الأمريكي السابق بول بريمر من خلال المشاركة في الحكومة الانتقالية التي شكلها عقب سقوط النظام العراقي مباشرة وهو ماتسبب في إيجاد أزمة داخل التنظيم الإخواني بالعراق وتدخل عاكف بوصفه المرشد العام للتنظيم الدولي للإخوان لاحتواء تلك الأزمة وأصدر قرارا عنتريا كعادته بأن( مشاركة الإخوان في الحكومة الانتقالية يمثل شأنا داخليا للجماعة في العراق) الأمر الذي ترتب عليه إستقالة عدد من إخوان العراق المعارضين لتلك المشاركة وتشكيلهم جيش الخلاص الإسلامي بينما قام بعضهم بتكوين جبهة علماء المسلمين برئاسة حارث الضاري الذي التقي بعاكف مرتين بالقاهرة وطالبه بضرورة التدخل لإنهاء علاقة الحزب الإسلامي بحكومة بريمر الذي سعي من جانبه لإقناع الإدارة الأمريكية بمنح أعضاء الحزب المشاركين في الحكومة رواتب تصل إلي40 ألف دولار وخصص لهم سيارات فارهة لكل منهم وقوات لتأمينهم الشخصي.
كما رفض إخوان الأردن توجهات المرشد ونشر السيد ياسر الزعاترة( عضو مجلس شوري الجماعة بالأردن) مقالا بعنوان الإخوان المسلمين بالعراق مع بريمر ضد المقاومة في الفلوجة قال فيه شكلت مشاركة الحزب الإسلامي في مجلس الحكم صدمة نفسية لجميع المنتمين إلي المدرسة الإخوانية الأمر الذي دفع جميع القادة في الحركة بمختلف أقطارها إلي التنصل مما جري ومعارضته من حيث المبدأ ويؤكد أن قرار الإخوان المسلمين بالانضمام إلي مجلس الحكم الانتقالي لم يلتزم بالشوري بدليل أن الغالبية الساحقة من كوادر الحزب تعارضه معارضة واضحة ويوجه أصابع الاتهام لأحد كبار حركة الإخوان بالعراق( حاجم الحسني) بأن له علاقة مميزة مع بريمر, وطالب الزعاترة جماعة الإخوان بمصر علي وجه التحديد أن يكون لها موقفها الحاسم من هذه القضية ويختتم مقاله قائلا( إن أحدا لن يجر أحدا إلي الجنة بالسلاسل) في إشارة إلي الثمن الذي يدفعه التنظيم الإخواني بالعراق نتيجة تقارب إخوان مصر مع أمريكا, وفي ذات الوقت تعاني الحركة الإخوانية بالأردن من خلافات داخلية حادة لذات الأسباب نظرا للتقارب الملحوظ لقيادتها مع السفارة الأمريكية بعمان.
وقد استمرت الاتصالات الإخوانية الأمريكية بشهادة السفير الأمريكي الذي إنتهي عمله أخيرا بمصر واتخذ عدة صور:
ـ توجه الدكتور محمد مرسي العياط( عضو مكتب الارشاد) للسفارة عقب أحداث11 سبتمبر عام2001 لابلاغ السفير برفض الجماعة للعمليات الإرهابية وأن علاقتهم بأسامة بن لادن أنتهت منذ حرب أفغانستان.
ـ اتفاق صحفي إخواني معروف مع الأمريكية ديان كيلي( سكرتيرة القسم السياسي بالسفارة الأمريكية والمسئولة عن ملف جماعة الإخوان بمصر) عام2002 علي توجيه الدعوة لقيادات الجماعة لاستعراض توجهاتهم أمام الكونجرس الأمريكي.
ـ مشاركة نواب الإخوان في الأحتفال الضخم الذي أقامه نائب السفير الأمريكي بمنزله في2003/3/29 بمناسبة زيارة مدير إدارة إفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأمريكية.
ـ دعوة الجامعة الأمريكية بالقاهرة للرموز الإخوانية من أبرزهم عصام العريان, وجمال حشمت لإلقاء المحاضرات والمشاركة في مؤتمرها السنوي والندوات التي تنظمها.
ـ مشاركة كل من عبد المنعم أبو الفتوح, عصام العريان في غالبية المؤتمرات التي عقدتها المؤسسات الأمريكية ببعض الدول العربية خلال عام2004( الكويت ـ اليمن ـ لبنان ـ الأردن ـ البحرين) والذين انتقدوا خلالها النظام المصري.
إرسال السيناتور هيلاري كلينتون( زوجة الرئيس الأمريكي السابق) خطابا للحكومة المصرية تستفسر عن ملابسات وفاة أحد العناصر الإخوانية بالسجون المصرية وهو مايؤكد إمكانية وصول الإخوان للبيت الأبيض وهو ماكشف عنه أيضا يوسف ندا خلال الحلقات التي أذاعتها قناة الجزيرة حيث صرح قائلا( أنه قابل الرئيس بوش الأب وكلينتون خلال التسعينيات وعرض توسط الإخوان للأمريكان في بعض القضايا المثارة في دول العالم الإسلامي) الأمر الذي أوجد وقتها صدمة للقاعدة الإخوانية خاصة عقب تصديق مأمون الهضيبي المرشد في ذلك الوقت علي تصريح يوسف ندا لتعارضه مع أدبيات الجماعة.
عندما أعلنت السلطات المصرية عن رفضها لصيغة اللقاءات الأمريكية مع ممثلي ورموز جماعة الإخوان المحظورة والذي أصبح دوريا ومنتظما جاءت تأكيدات واشنطن أنها لاتستطيع تكرار أخطائها في إيران ولهذا يجب عليها أن تتحاور وتستمع وترسل توجيهاتها وتصوراتها للجماعة التي يمكن أن تشكل حكومة في المستقبل وأصبحت هذه اللقاءات أكثر جدية وأدق تنظيما وقابلتها متابعة مصرية أمنية دقيقة وضربات للجماعة ولرموزها وسلسلة من الاعتقالات والمحاكمات لهم.
كما بادرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية بالدفاع عن الجماعة حيث أعتبرت مجلة
FOREIGAFFAIRS
أن جماعة الإخوان بوليصة تأمين ضد التطرف والإرهاب وأن التحاور معها يحقق المصالح الأمريكية لتلاقي مصالح الطرفين في مجالات متعددة ومطالبة المسئولين عن صنع القرار الأمريكي بإقامة الحوار مع الجماعة من خلال ممثليها المقيمين في الغرب, والتأكيد علي إعتدال الجماعة( من وجهة نظرهم) تجاه القضية الفلسطينية بدعوي أن الجماعة تري أن الصراع مع إسرائيل ليس دينيا بل هو نزاع علي الأراضي المحتلة وأن الإخوان علي استعداد للاعتراف بدولة إسرائيل بمجرد قيام منظمة حماس بذلك.
كما نشرت مجلة
HARBERS
مقالا بعنوان( أحزاب الله الديمقراطية الإسلامية ومذهب بوش) أكد المقال أن الرفض الأمريكي المطلق للجماعات الإسلامية لايخدمهم علي المدي البعيد وأوضح بأن علي الرغم من أيدلوجيتها السياسية فد لاتروق للأذن الغربية فإن ذلك لايمنع من أن المستقبل الديمقراطي في الشرق الأوسط سيعتمد بصورة كبيرة علي تفهم هذه الأيديلوجيات والأفكار والتعامل معهما, وعلي الرغم من اعتراف كاتب المقال بعدم صدق التصريحات العلنية للجماعة باحتضانها الديمقراطية, وأنها قد تعمل علي فرض أعمال الشريعة علي المجتمع المصري في حالة وصولها للحكم ـ فإن ذلك لاينفي أن الجماعة بدأت في تغيير منهجها المتشدد نتيجة مشاركتها في الحياة السياسية, والغريب في الأمر أن وسائل الإعلام الأمريكية التي تدافع عن الجماعة الأم هي نفسها التي تهاجم جناحها العسكري في غزة والمتمثل في حماس وتصفه بالإرهاب, وهو علي القوائم الأمريكية وجميع قيادات حماس, ممنوعون من دخول الولايات المتحدة.
ويبدو هذا التناقض, لأن الأمر يتعلق بدعم أمريكي لقوي معارضة ومحظورة في مصر وتوفير الغطاء لها, لكن مصر لديها متابعات لتلك التطورات, وتدفع الدولة الثمن لعدم تجاوبها مع المطالب الأمريكية خاصة إرسال قوات مصرية إلي العراق, مما جعل الرئيس الأمريكي يتعرض للانتقادات نتيجة لآلاف القتلي والمصابين من القوات الأمريكية, فالدولة لن تضحي بقواتنا لخدمة المصالح الأمريكية, لأن مهمة القوات المسلحة الدفاع عن تراب الوطن.
فتح الحوار
وقد كشفت مصادر دبلوماسية غربية بالقاهرة عن أن وزارة الخارجية الأمريكية اعتمدت مذكرة تدعو إلي فتح حوار سياسي ومباشر مع جماعة الإخوان المحظورة, كما أن المذكرة أكدت أن هذه المرحلة تتطلب الاقتراب أكثر من جماعة الإخوان الذين يحظون بشعبية واسعة بمصر, وأن جلسات الحوار مع قيادات الإخوان يجب أن تكون منتظمة ودائمة ولاتسمع كثيرا لتحذيرات الحكومة المصرية بعدم التعاون مع هذا التيار, ورأت أن علاقتها بالإخوان خلال السنوات الماضية كان لها بعض النتائج الايجابية, ويتسق هذا تماما مع تصريح لكوندوليزا رايس التي قالت فيه إنه يجب ألا يكون الخوف من وصول التيارات الإسلامية إلي السلطة عائقا أمام الإصلاحات العربية, وأيضا يتفق مع ماجاء بتقرير مادلين أولبرايت بعد زيارتها للقاهرة عام2005 والذي جاء فيه( أنه إذا كان التخوف الأمريكي قد بني علي إجراء الانتخابات الحرة سيؤدي حتما إلي وصول الأصوليين تقصد الإخوان إلي مقاعد السلطة بسبب هوان الأحزاب الشرعية,
فإن التجارب السابقة تشير إلي أنهم جماعات براجماتية يمكن التعامل معها بشكل ممتاز, وقد ساهمت تلك التصريحات في إعطاء الإخوان الجرأة السياسية حتي وصل الأمر بمرشدها عاكف أن يعلن في2005/3/2 أن الإخوان ليس لديهم المانع من أن يكون الرئيس مبارك رئيسا لمصر لفترة خامسة, وأن يكون ذلك بناء علي اتفاق بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين.
وقد أعدت الجماعة دراسة حول استراتيجية تعاملها مع الولايات المتحدة الأمريكية تحمل عنوان( رؤية الإخوان للسياسة الأمريكية وكيفية التعامل معها) انتهت إلي وجود استمرارية الإعلان عن معارضة الجماعة لسياسة الإدارة الأمريكية مع استمرار السعي لفتح قنوات اتصال معها.. كما عقد التنظيم الدولي للإخوان إجتماعا في العاصمة التركية اسطنبول شارك فيه ممثلو الأجنحة الإخوانية بكل من( مصر ـ فلسطين ـ الأردن ـ الجزائر) تمت خلاله مناقشة الانفتاح علي الإدارة الأمريكية إنطلاقا من العلاقة القديمة والمستمرة بينهم.
كما استغلت الجماعة سماح السلطات للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح للسفر خارج البلاد بالنظر لموقعه كأمين اتحاد الأطباء العرب للمشاركة في حضور المؤتمرات التي يشارك فيها مسئولون أمريكيون ومن بينها مؤتمر عقد بدولة تركيا خلال نهاية شهر أبريل عام2005 تحت عنوان( الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني) والتي شارك فيها ريتشارد ميرفي( المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأوسط) وجورج تينت( الرئيس السابق للمخابرات الأمريكية) كما التقي أيضا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وعاكف بالأمريكي جون شانك وهو شخصية بارزة بالكونجرس الأمريكي خلال شهر سبتمبر عام2004 والذي أبلغهما استعداد السفير الأمريكي بالبلاد لاستقبال قيادات الجماعة والاستماع لوجهة نظرهم واقتراحه بتشكيل وفد إخواني لزيارة أمريكا والالتقاء بالمسئولين بوزارة الخارجية,
كما عقد ممثلو الحكومة الأمريكية عدة لقاءات مع العديد من الرموز الإخوانية ونوابها بمجلس الشعب من بينها التقاء عضو مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني( مسئول الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان) بزعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس النواب الأمريكي ستاني هويد بمنزل السفير الأمريكي بالقاهرة في2007/4/4 خلال حفل الاستقبال الذي أقامه السفير الأمريكي بالبلاد بمناسبة زيارة وفد الكونجرس للقاهرة, وسبق وأن التقي عضو مجلس الشعب سعد الكتاتني بالمستشار السياسي بالسفارة الأمريكية بالقاهرة للحصول علي تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر مارس2007, حيث أبلغه الدبلوماسي بأنه تم إختياره كمندوب اتصال بين جماعة الإخوان والإدارة الأمريكية.
وفي النهاية يتضح أن تلك الجماعة قدمت نفسها منذ بدايتها في أسوأ صور الانتهازية كرافعين لراية الديمقراطية والإصلاح ولديهم برنامج هولامي بدون أيدلوجية يتسع لألف وجه ووجه أملا في أن تكون البديل الإسلامي المعتدل الذي يقنع الغرب بأحقيتها في الوثوب علي السلطة
نقلا عن جريدة الأهرام